لماذا نشعر بخفة الوزن عند هبوط المصعد

يتم تصميم المصاعد في كثير من المباني المرتفعة ؛ لكي ترتفع بسرعة نوعاً ما حتى تصل إلى الطبقات العليا في الوقت المناسب. و من الغريب بالفعل، أن السرعة العالية ليست التي تسبب ذلك الاحساس الغريب بزيادة الوزن اثناء صعود المصعد، أو خفة الوزن اثناء هبوطه.. فما السبب إذا؟ لنكتشف الإجابة معا.

الفرق بين سرعة المصعد و تسارع المصعد:

إن مفهوم السرعة يعتبر معروفاً في حياتنا اليومية؛ فإذا سمعت أن سرعة السيارة 60 km/h فإنك تفهم أن هذه السيارة تقطع مسافة قدرها 60 كيلومتر خلال زمن قدره ساعة واحدة. و لكن في هذه الحالة يبرز الفرق بين السرعة و التسارع؛ فهذه السيارة إذا لم تغير سرعتها: بالزيادة أو النقصان، اي ان سرعتها ثابتة، هنا نقول إن تسارع..أو عجلة الحركة..لهذه السيارة يساوي صفر.

مفهوم التسارع acceleration:

افترض الآن أن سيارتك تزيد سرعتها بانتظام ، بحيث تزداد السرعة بمقدار 10 km/h في نهاية كل ثانية. اذا ستصل سرعتها بعد ثانية واحدة من التسارع إلى 20 km/h 

 و لمن يحبون المعادلات الرياضية نقول إن التسارع a هو المعدل الزمني للتغير في السرعة ، حسب المعادلة البسيطة

a= ∆v/∆t ، حيث ; 

a هي التسارع' أو عجلة الحركة

v سرعة السيارة و t هو الزمن الذي يحدث فيه التغير في السرعة.


تطبيق مفهوم التسارع على حركة المصعد:


 لنفترض أن المصعد يبدأ في الصعود إلى أعلى، و تزداد سرعته بمعدل 1 m/s في الثانية الواحدة. هذا يعني أن سرعته في الثانية التالية ستكون 2 m/s ، و في الثانية الثالثة ستصل سرعته إلى 3 m/s و هكذا..

 هنا يلاحظ الشخص الواقف على ميزان في هذا المصعد أن وزنه قد زاد بنسبة 10% تقريبا، نتيجة هذا التسارع ؛ و ستعمل العضلات بجد أكبر إلى إلى حد ما؛ لكي تبقى بنيته منتصبة و تسيطر على مواقع أعضاء الجسد الداخلية. هذا النوع من النشاط العضلي غير المعتاد هو السبب في شعورك ، المؤقت، بزيادة الوزن.


  و عند هبوط المصعد، يقيس الميزان وزنا أقل من وزنك الساكن، فتشعر ، مؤقتاً، بخفة في وزنك أثناء الصعود.

  

التسارع بسبب قوة الجاذبية


كان جاليليو هو أول من أوضح أنه عند التغاضي عن مقاومة الهواء، فإن الجسم الساقط له تسارع في اتجاه مركز الأرض حوالي 9.8 m/s كل ثانية. اي ان سرعة الجسم الساقط سقوطا حرا في مجال الجاذبية الأرضية ستزيد بمقدار 9.8 m/s في كل ثانية حتى يصل إلى سطح الأرض، لذلك إذا كان السقوط من مكان مرتفع سيحصل الضرر الجسدي ، و ربما الوفاة، نتيجة التصادم غير المرن بين الجسم و سطح الأرض، و نتيجة ارتفاع طاقة حركة الجسم في لحظة الاصطدام.


تجربة اينشتاين الشهيرة : حادثة المصعد

 

تصور شخصاً واقفاً في مصعد في أعلى مبنى ' برج خليفة'..أو مبنى ' امباير ستيت Impire state بالولايات المتحدة الأمريكية. و فجأة انقطع السلك الحامل المصعد ، و هبط المصعد .. إكراماً لراكبنا سيء الحظ ، لنفترض أن جهاز الفرامل سيعمل اوتوماتيكيا و سوف يجعل المصعد ينزل على الأرض برفق قبل أن يصطدم بالقاع!..

حالات تغير الوزن داخل المصعد

  يمكن أن نرى أن التأثير الظاهري للجاذبية في هذا الشخص يزول مؤقتاً. فمن وجهة نظره، و كذلك من وجهة نظر الميزان الواقف عليه ، سيكون هذا الشخص عديم الوزن تماما طوال الوقت الذي يهبط فيه المصعد.   و لا تعود الجاذبية تثبت أقدامه على أرضية المصعد؛ بل يتسارع هو و المصعد إلى أسفل ، نحو سطح الارض، و سيجد هذا الشخص نفسه سابحا في الهواء بلا قيود. اي ، بعبارة أخرى، ستحدث الحالة المعروفة بانعدام الوزن..نفس الحالة التي يتعرض لها رواد الفضاء السائحون بعيدا عن الجاذبية الأرضية!!.

   و نحن نعرف بالتأكيد أن مجال الجاذبية الأرضية لم يتغير بالنسبة لراكب المصعد. بل الذي حدث هو اختفاء التأثير، على الأقل فيما يتعلق بهذا الراكب. أما بالنسبة لملاحظ خارجي بالجاذبية ما تزال تمارس عملها، فالراكب و المصعد يسقطان بسرعة تزيد باطراد. فمن إذا على صواب: الشخص الذي في المصعد ام الملاحظ الخارجي؟. 
 
 كلا منهما على صواب، و ذلك طبقا لنظرية النسبية لأينشتاين.
و لمزيد من الإيضاح ، نتقدم خطوة أكثر جرأة في هذه التجربة:

ماذا لو كان المصعد بعيدا عن مجال الجاذبية الأرضية؟

 نفترض الآن أن المصعد، و الشخص بداخله، تم وضعهما في الفضاء الخارجي؛ بعيدا عن أية قوة جاذبية.. و نفترض أيضاً أن هذا المصعد مربوط بحامل أو خطاف من نوع ما، و أن هذا الحامل يتسبب في سحب المصعد إلى أعلى بمعدل 9.8 m/s في كل ثانية..تذكر أن هذا التسارع هو بالضبط نفس تسارع الجسم الساقط على الأرض.

ما الذي يلاحظه الشخص داخل هذا المصعد الذي يتسارع عبر الفضاء بهذا المعدل؟ 

المصعد سيبدو بالنسبة إلى الراكب و كأنه واقف على الأرض مرة أخرى بلا أي حركة!. فبدلا من أن يكون عديم الوزن، ستصبح قدماه ثابتتين على أرضية المصعد بقوة. و اذا وقف على الميزان سيسجل الميزان الوزن الطبيعي؛ كما لو كان على سطح الأرض، و سيضغط جسم الراكب على أرضية المصعد بنفس القوة التي تحدثنا الجاذببة، تماما كما لو كان على الأرض. و لو كان هذا الراكب لا يعلم حقيقة الأمر ، لاعتقد أنه داخل مصعد معطل على الأرض!.. مع ذلك فإن الملاحظ الخارجي يلاحظ و يرى أن المصعد يتسارع باطراد.

مرة أخرى: من على صواب؟ و الاجابة، أيضا، أن كليهما على صواب.

 إن ثقل الراكب في المصعد المتسارع يعرف باسم قوة القصور الذاتي ؛ إذ أنه ينتج بفعل التسارع في القصور الذاتي الخاص بالراكب. أما ثقل الشخص على سطح الأرض فهو قوة الجاذبية الأرضية. و قد توصل اينشتاين إلى نتيجة هامة و هي أن كلا من القوتين متماثلتين تماما، و هو ما يسمى بمبدأ تكافؤ قوة الجاذبية و قوة القصور الذاتي.

 
  لمزيد من المعلومات يمكنك قراءة : تبسيط النظرية النسبية

حتى الآن ، فإن أي نوع من الحركة سواء كانت هذه الحركة ثابتة أو متسارعة ..هو نسبي تماما، و من هنا جاءت فكرة النظرية النسبية. و في الحقيقة ، ليس هناك ما يعرف، حتى الآن، بالحركة المطلقة؛ إذا كنا نقصد بهذه العبارة إن جميع الملاحظين يلاحظون دائما أن حركة جسم ما تكون واحدة.

ليست هناك تعليقات: